هل عام 2020 أسوا عام مر على البشرية بالطبع لا

 باقي من الزمن أقل من 3 ساعات وتنتهي السنة الأسوأ في التاريخ.

  مهلا يا صديقي، ربما ليست كذلك، فهناك منافسون كثر. إذ بحسب كثير من المؤرخين لم تمر سنة على البشرية أكثر سوءً من عام 536م.
  ماذا حدث في هذا العام؟ ولماذا هو الأسوأ تاريخيا على الإطلاق.. 
العالم جميعه منهمك في صراعاته، القبائل العربية متفرقة لا تجمعها راية وهي في انتظار رسول هادٍ يجمع شتاتها، فيما الإمبراطورية البيزنطية تسيطر على مساحات واسعة من بلاد الشرق والغرب وتذيق الجميع من كأس ظلمها المر، والصين كعادتها مكتفية بذاتها، لا مرحبًا بك في العام 536 م.
وسط الجريان الطبيعي للأزمان والتواريخ عم ضباب كثيف أوروبا وأرجاء واسعة من الشرق الأوسط وآسيا، أمر طبيعي جدًا ربما، لكن غير الطبيعي هو استمرار ذلك الضباب لأكثر من ثمانية عشر شهرًا دون انقطاع، ضباب مجهول المصدر تسبب وجوده في كوارث معيشية لا يمكن تصورها.
في بداية الحالة سجل كاسيودوروس وهو سياسي روماني، تعجبه البسيط من عدم رؤيته لظله في الظهيرة، لكن الأمر تفاقم يومًا بعد يوم، لقد انحجب ضوء الشمس تمامًا ولم يعد له أثر، فأضحى النهار مجرد مسمى لضوء خافت كئيب أما الليل فهو ظلام دامس، لكن السؤال كيف يمكن للحياة أن تستمر دون شمس؟
بالطبع انخفضت درجات الحرارة في هذا العام وما تلاه وحل برد قارص، وسجلت الصين سقوط ثلوج كثيفة في ذروة فصل الصيف، بالإضافة لذلك لم تجد عملية البناء الضوئي طريقها إلى النباتات فانهارت الزراعة ونقصت المحاصيل، وحلت مجاعة عالمية لا مثيل لها تسببت في موت كثير من الناس.
أُخِذت هذه المعلومات مما سجله بعض المؤرخين القدامى، مثل المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس والذي شبه الأمر عام 536 م بخسوف مستمر للشمس وبجوار ذلك استمرت حركة الحروب كما هي وانتشر الموت وعم المرض. حتى وقت قريب لم تؤخذ هذه الشهادات على محمل الجدية ولم يعرها أحدًا اهتمامًا تأريخيًا كافيًا.
وجد علماء العصر الحديث أنفسهم أمام لغز تاريخي يجب عليهم حله، حيث رجحت بعض الدراسات النظرية أن يكون الضباب الذي تكون في العام 536 وما تلاه، ناتج عن ثورة هائلة لأحد البراكين، ثورة أطلقت سحابة ضخمة من الرماد غطت بتوهجها نصف الكرة الشمالي كاملًا.
بناء على تلك الترجيحات قام مجموعة من الباحثين في جامعة هارفارد باستقصاء الأمر، حيث قاموا بأخذ عينات بعمق 72 مترً من أحد الأنهار الجليدية السويسرية، وأجروا لها اختبارات شديدة الدقة، حيث عثروا بها على شظايا من زجاج بركاني تشير في طبقتها إلى ربيع عام 536 م.
بمقارنة هذه الشظايا مع أقرب البراكين القديمة النشطة في المنطقة تبين أنها متطابقة مع الصخور البركانية في آيسلندا، وبالتالي اجتمعت تفاصيل القصة وتم حل لغز هذه السحب القاتمة التي سيطرت على أفق السماء وحجبت الشمس وعطلت الزروع، ونشرت الموت والأمراض في كل مكان.
ظلامية العام 536 لا تكمن في الظلام الذي حل بانحجاب الشمس ولا بالمجاعات التي انتشرت على إثره، ولا بالتغيرات والصراعات العميقة التي نتجت عنه، وإنما تكمن في أنه كان بداية لسلسلة من المآسي، أبرزها طاعون جستنيان، ذلك الطاعون الذي كان الأشد فتكًا في تاريخ البشرية.
بحسب المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس وثقت أول حالة لهذا الطاعون في ميناء بيلوسيوم بالقرب من السويس في مصر، حيث كانت السفن التي تنقل الحبوب من مصر إلى العالم تحوي فئرانًا مصابة بالمرض، الأمر الذي سهل انتشاره إلى عموم بلدان البحر الأبيض المتوسط ومن ثم العالم.
تسببت هذه الجائحة في مقتل ما يقدر بـ 25 : 50 مليون شخص وذلك خلال موجاتها المتكررة، ذلك الرقم الذي عادل حينها نسبة 13:26% من سكان العالم، أطلق المؤرخون المعاصرون على هذا الوباء اسم جستنيان الأول، الذي كان إمبراطورًا وقت تفشيه لأول مرة. حتى أنه أصيب به لكنه نجا.
بالطبع لقد عشنا في عام 2020 جائحة شديدة، لكنها برحمة الله وتوفر الامكانيات من حولنا تمر ونحن في خير حال
 سنتفاءل بالقادم لأن لنا رب رحيم وستكون 2021 سنة انفراج الغمة باذن الله
أتمنى لكم عامًا جديدًا سعيدًا خاليًا من كورونا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة الماسة الزرقاء