قصة الماسة الزرقاء




وافق مجلس الوزراء السعودي، حديثاً، على “مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة مملكة تايلاند” لأول مرة بعد توتر ساد في العلاقات بين البلدين لنحو ربع قرن تقريباً


‏وجاء ذلك خلال جلسة التي عقدها مجلس الوزراء مساء أمس الثلاثاء برئاسة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في قصر السلام بمحافظة جدة غرب المملكة العربية السعودية


‏وتدهورت العلاقات السعودية التايلاندية بصورة ملحوظة بعد قضية الماسة الزرقاء في العام 1989 وعملية اختفاء غريب لرجل الأعمال السعودي محمد الرويلي في 1990 واغتيال دبلوماسيين سعوديين في تايلاند، حتى وصل الأمر إلى قطع العلاقات بين البلدين نهائياً واستمر ذلك قُرابة ثلاثة عقود حتى عادت العلاقات في عام 2022 


‏وكان عامل تايلاندي يدعى كريانجكاري تيكامونج سرق في 1989 جواهر تزن نحو 90 كيلوغراماً قيمتها 20 مليون دولار بالإضافة إلى ماسة زرقاء وزنها 50 قيراطاً لا تقدر بثمن من قصر في الرياض، وقطعت العلاقات بعد عدة عمليات اغتيال استهدفت دبلوماسيين سعوديين، بالإضافة لترقية المشتبه به رئيساً للشرطة.

‏وألقي القبض على العامل كريانجكاري بعد السرقة في تايلاند لكنه كان قد باع بالفعل كثير من المجوهرات والأحجار الكريمة المسروقة والتي تشمل الألماسة الزرقاء. وأعيد بعض هذه الجواهر في نهاية الأمر إلى مالكها لكن السعودية شكت في وقت لاحق من أن معظم الأحجار التي أعيدت كانت مزورة


‏وبعد أقل من عام من السرقة قُتل الدبلوماسي السعودي عبدالله المالكي في العاصمة التايلاندية بانكوك عام 1989، إثر إطلاق النار عليه أثناء عودته إلى منزله سيراً على الأقدام، وبعدها بأشهر اغتيل القنصل السعودي عبدالله البصري، ومن ثم اغتيل الدبلوماسي فهد بن عبدالله الباهلي السكرتير الثاني في القنصلية، وأحمد عبدالله السيف، اللذين كانا يستقلان سيارة واحدة متجهين إلى العمارة التي يقطنها الباهلي، حيث كان ينتظرهما فيها شخص شرع بإطلاق النار عليهما فور رؤيتهما.


‏وخلال الفترة الفاصلة بين الجرائم قُتل رجل الأعمال محمد الرويلي الذي كان يمتلك مكتب استقدام في بانكوك آنذاك، وكان شاهداً على إطلاق النار على البصري، وعلى علم بتفاصيل العصابة التي سرقت المجوهرات


‏ووفقاً لتقارير تايلاندية يُعتقد أنه تم اختطاف رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي من قبل المباحث التايلاندية لاستجوابه عن حادثة مقتل القنصل، وتعرض للتعذيب على أيديهم، ليقتل بعدها في 1990 وتخفى جثته


‏وذكرت وسائل إعلام سعودية، قبل سنوات، إن الحكومة التايلاندية لم تقم بمحاسبة المتسببين في مقتل الرويلي لسنوات طويلة والمتهم فيها عدد من كبار ضباط الشرطة.


‏وفي سبتمبر/أيلول 2010 توترت العلاقات السعودية – التايلندية بشكل كبير بعد أن احتجت السفارة السعودية في بانكوك على قرار السلطات التايلندية بترقية ضابط متهم بالضلوع في جريمة قتل الدبلوماسيين السعوديين، وخطف الرويلي، مؤكدة أن الترقية تخالف النظام المعمول به في تايلند


‏وقالت السفارة في بيان رسمي نشر حينها إن قرار الترقية يعزز موقف المتهم اللواء سومكيد بونثانوم، فضلاً عن أنه مخالف للقانون، معتبراً هذه الخطوة تهديداً خطيراً للجهود الرامية إلى استعادة العلاقات الطبيعية بين الرياض وبانكوك..

‏وأمام الضغوط التي قامت بها السعودية، تراجعت بانكوك عن الترقية وقال سومكيد في مؤتمر صحافي “قررت عدم قبول الترقية ويبدو أن هذا أفضل سبيل للخروج من هذه الأزمة”


‏وكانت تقارير أشارت في سبتمبر/أيلول 2010 إلى أن خاطف الرويلي هو الضابط سومكيد بونثانوم، والذي كان حينها يحمل رتبة مقدم، إضافة إلى عشرة من رجاله، ونفذوا عمليتهم على بعد 12 متراً من مكتب الرويلي بعدما اعترضته سيارة واقتادوه إلى فندق صغير في ضواحي بانكوك، وضربوه بعدما حاولوا التحقيق معه فيما يعرفه عن قضية المجوهرات


‏وكان رئيس الوزراء التايلاندي أبهيسيت فيجاغيفا اعترف بأن بقاء هذه القضية من دون حل سيؤثر في صورة البلاد فيما يتعلق بالعدالة، وأصدر أوامره إلى الشرطة ببذل مزيد من الجهود للتحقيق في قضية مقتل الدبلوماسيين السعوديين


‏-المصدر: ارابيان بزنس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة